معرض وأمسية
رحلة المصريين مع العمارة .. عمارة الصحراء
المعرض
تصوير: إيناس محمد إيهاب
الأمسية
مصر ...الصحراء
بقلم: إيناس محمد إيهاب
ليس كما جرت العادة أن نري أدباؤنا ومفكرونا وعلماؤنا العظام يتغزلون في جمال مصر وجنانها الخضراء وطبيعتها الخلابة ويحكون لنا قصة ذلك المبدع الذي بات يدب فيها روح الحياة، يشق أرضها و يقسمها يميناً و يساراً، ويرسم لنا بروافده هيئة تلك البلاد، إنه النيل، شريان الحياة في مصر، والذي علي ضفافه نشأت أعظم و أعرق الحضارات.
لكن اليوم لدينا قصة جديدة، غاب النيل عن بطولتها، قصة ذات تفاصيل من نوعٍ فريد، أبدع ملامحها الإنسان المصري الذي عاش في بيئة يظن الكثير أنها قاسية، مقحله، تصعب فيها الحياة؛ في حين كان للبعض الأخر و جهة نظر أخري، فقد رأي فيها بحور من الرمال تزينها مجموعة من الجزر، ووجد مع سكون الرمال ترانيم الكثبان، ومع تجريد الصحراء تحدي البقاء.
هكذا قد اصطحبنا الدكتور طارق والي، المهندس والمعماري الشهير ومؤسس مركز طارقوالي العمارة والتراث، خلال أمسيته الرائعة بالمجلس الأعلي للثقافة بدار الأوبرا المصريةفي 13 مارس 2013، في رحلة مثيرة ليكشف لنا عن نهج البقاء في عمارة الصحراء، وهذا هو عنوان كتابه الذي أعاد إصداره مرة أخري في 2012 بعد أن تم إصداره لأول مرة في 1996. في حقيقة الأمر إنه يتحدث عن رحلة المصريين مع العمارة ، فليس هذا البناء الضخم أو المتميز هو ما يهم بل إنه من قام علي هذا البناء ،صاحب الفكر و الإبداع؛ إنه المجتمع الذي يحقق المعجزات.
فيتحدث الدكتور طارق عن ديناميكية الصحراء و تغيرها الدائم وكيف أنها تسبح من مكان لأخر، و إدراك الإنسان لماهيتها و إتباعه لقواعدها في تأسيس عمارة جديدة علي نهج البقاء. فلم يتوجه الكثيرون لبحث ودراسة هذا الجانب المتفرد من العمارة بعيداً عن الأبنية الأثرية الضخمة و كذلك الأبراج الشاهقة، لنري الإنسان وقد إختار التناغم مع البيئة المحيطة ليكون سمة مميزة لأعماله. ولذلك فقد إختار الدكتور طارق أن يقسم كتابه لمجموعة ترانيم وليست فصول ليؤكد علي هذه الفكرة، فنجد ترنيمة " الزمان" و قد تجسدت في عمارة البجوات، التي تروي قصة قرية قبطية عاشت في ظل الإضطهاد الروماني الديني لتتحدي القهر و كذلك الظروف الطبيعية لتؤكد علي بقاءها لأكثر من ألف و خمسمائة عام. ثم تأتي ترنيمة " الظل و النور" والتي تبرز لنا فكرة التضاد بين الظل والنور والتكامل من الخارج إلي الداخل و التي ظهرت بشكل جلي في عمارة الواحات . وينهي أخيراً بترنيمة " القانون" و التي تحكي لنا قصة عمارة المنظومات، والتي تنبع من عقل الإنسان المعماري الحديث زمانياً والمعاصر ثقافياً وحضارياً، الذي أدرك وفهم فأبدع عمارته منسجماً مع ظروف بيئته واعياً لإمكاناتها، و من أبرز النماذج في هذا المجال هي عمارة المعماري العبقري حسن فتحي.
لذلك أدعو الجميع إلي حضور مثل هذه الأمسيات الرائعة و التي تفتح لنا نافذة علي عالم ملئ بالرؤى والأفكار التي لم نكن لنعرف عنها إلا من خلال تلك الأمسيات القيمة، و أتقدم بخالص الشكر و التقدير إلي كل القائمين علي مثل هذا العمل .
نهج البقاء فى عمارة الصحراء
ترانيم معماريـــــــــــة
نقلا عن موقع مركز طارق والي العمارة و التراث
هذا الكتاب ليس فى عمارة الصحراء بالمدلول التقنى للمصطلح ولكنه رؤى يستشعر بها المؤلف رومانسية الصحراء في ابداعيات الانسان الذى رغب بفطرته أن يكون وأن يبقى .. كتاب فى عمارة الصحراء ، لكنه نهج البقاء .. فإنه نهج البقاء فى عمارة الصحراء ، بحثا عن واقعية وهروباً إلى خيال .. ولد الانسان ليبقى .. وبقى الإنسان ليموت ، وبين الميلاد والموت هو مستخلف من الخالق فى عمارة الأرض مسئوليه تحملها بفطرته .. فطرة وإرادة للمخلوق فى حب الخالق ، فطرة وإرادة فى البقاء لا الخلود ، فعمارة الأرض من عمارة هذا الكون الواسع ، مبدأ أزلى .. إنها سيمفونية دائمة ومتطورة ، ولكنها ليست فوضوية الأنغام .
من هذا المبدأ يعتقد المؤلف إن حتمية الوجود والبقاء تفرض على الإنسان التحدى والانسجام .. التحدى من أجل الوجود ، والانسجام من أجل البقاء .. فجميع المخلوقات تولد لتموت ولا إرادة لها ، فقد فطرها الله لما خلقت له ، أما الإنسان فهو وحده صاحب العقل والأختيار وإرادة الحياة والبقاء .. بقاء لموروثات متراكمة حملها عن سلفه ليحملها إلى خلفه ، سلسلة متواصلة . وأنتشر الإنسان شعوب وقبائل وجماعات فى الأرض اختلفت به وحوله الظروف .. واختلف هو معها وبها ، لتتعارف الأجزاء وتتواحد .. فإن التوحد بين الاختلافات ، ولكن فى حدود التكامل والانسجام المتناغم .
من هذا التنوع الابداعى قامت الحضارات .. وبهذا الاختلاف توارثت الأجيال الثقافات ، وطورتها .. وبهذا بقيت المجتمعات تحيا وتسبّح بحمده سبحانه خالق كل شىء ، وترتل كلماته سبحانه ترتيلاً ينسجم مع كل مخلوقاته ، إنه خروج من فطرة المفعول .. إلى إرادة الفاعل .. إنه عمارة الأرض على نهج البقاء ضمن سيمفونية الكون المطلقة له.. الانسان هو الملحن والعازف والمتلقي .
نقف هنا عند نهج البقاء فى عمارة الصحراء .. نقف فى هذا الكتاب نسمع ونرى من تلك السيمفونية ثلاث ترانيم معمارية انسجمت مع بعضها ، تباعدت أزمانها واختلفت ظروفها الحضارية ، وتناغمت تردداتها وتشكيلاتها وتكويناتها ، اختلفت ثقافات وحضارات الانسان المبدع لها .. وانسجمت ارادته مع الصحراء في مصر .. ترانيم معمارية اختلفت .. وبقى المكان .. الصحراء حقيقة ومعنى ثابتة وراسخة ..
ترنيمة تأتى من عبق التاريخ ، من القرن الرابع الميلادى لقرية قبطية مصرية عاشت فى تحدى للاضطهاد الرومانى الدينى ، وتحدى للظروف الطبيعية .. لتبقى أكثر من ألف وخمسمائة عام .. عمارة البجوات ..
وترنيمة تأتى من حياة المجتمع عاش بها الانسان واستمر فى حياته متطوراً ومطوراً لعمارته إلى اليوم .. عمارة شعبية أبدعها المجتمع بفطرته ملبياً للمتغيرات ومتحديداً للفناء .. ليبقى مئات السنين مستمراً .. عمارة الواحات ..
وترنيمة تأتى من عقل الانسان المبدع .. المعمارى الحديث زمانياً والمعاصر ثقافياً وحضارياً ، الذى أدرك وفهم فأبدع واحترم عقله ومكانه فاكتسب بإرادته أصالته ومعاصرته .. أبدع عمارته منسجماً مع ظروف بيئته واعياً لإمكاناتها ، عمارة أبدعها المعمارى المصرى "حسن فتحى" وأبدع معه وبعده معماريون .. عمارة المنظومات ..
ترانيم معمارية .. يفهمها من أراد البقاء بعمارته على :
نهج البقاء فى عمارة الصحراء .